سورة فاطر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


قوله جلّ ذكره: {الْحَمدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوْلِى أَجْنِحَةٍ}.
استحق المدحَ والثناءَ على انفراده بالقدرة على خلق السموات والأَرض.
{جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً أُوِْلِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاَثُ وَرُبَاعُ يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}:
تَعَرَّف إلى العباد بأفعاله، ونَدَبَهم إلى الاعتبار بها، فمنها ما نعلم منه ذلك معاينةً كالسموات والأرض وغيرها، ومنها ما سبيلُ الإيمانِ به الخبرُ والنقلُ- لا بدليل العقل- والملائكةُ مِنْ ذلك؛ فلا نتحقق كيفيّة صُوَرِهم وأجنحتهم، وكيف يطيرون بأجنحتهم الثلاثة أو الأربعة، ولكن على الجملة نعلم كمال قدرته، وصِدْقَ كلمته.
قوله: {يَزِيدُ فِى الخَلْقِ مَا يَشَاءُ}: قيل الخُلُقُ الَحَسَنُ، وقيل الصوتُ الحَسَنُ، وقيل الصوتُ الحَسَنُ وقيل مَلاَحَةُ العينين، وقيل الكياسة في الخِيَرَة، وقيل الفصاحة في المنطق، وقيل الفهم عن الله، ويقال السخاء والجود، ويقال الرضا بالتقدير، ويقال علو الهمة، ويقال التواضع، ويقال العفة عند الفقر، ويقال الظرف في الشمائل، ويقال أن تكون مُحَبَّباً إلى القلوب، ويقال خفة الروح، ويقال سلامة الصدر من الشرور، ويقال المعرفة بالله بلا تأمُّل برهان، ويقال الشوق إلى الله، ويقال التعطُّف على الخَلْقِ بجملتهم، ويقال تحرُّر القلوب من رِقِّ الحدثنان بجملته، ويقال ألا يَطْلُبَ لنفسه منزلةً في الدارين.


المُوَسَّعُ عليه رِزْقهُ لا يُضَيَّقُ عليه غيرُ الله، والمحرومُ لا يُوَسعُ عليه غيرُ الله.
ويقال: ما يلج في قلوب العارفين من أنوار التحقيق لا سحابَ يستره، ولا ضياءَ يقهره.
ويقال: ما يلزم قلوبَ أوليائه من اليقين فلا مُزِيلَ له، وما يُغْلَق على قلوب الأَعداء من أبواب الذكر فلا فاتحَ له غيره- سبحانه.
ويقال الذي يقرنه بقلوب أوليائه وأحوالهم من التيسير فلا مُمْسِكَ له، والذي يمنعه عن أعدائه- بما يُلْقيهم فيه من انغلاق الأمور واستصعابها- فلا مُيَسِّرَ له من دونه.


مَنْ ذَكَرَ النِّعمةَ فصاحبُ عبادةٍ، ونائِلُ زيادة، ومَنْ ذَكَرَ المُنْعِمَ فصاحبُ إرادةٍ، ونائِلُ زيادة ,ولكنْ فرقٌ بين زيادة وزيادة؛ ذل زيادته في الدارين عطاؤه، وهذا زيادته لقاؤه: اليوم سِرَّاً بِسِرٍّ من حيث المشاهدة، وغداً جَهْراً بِجَهْرٍ من حيث المعاينة.
والنعمة على قسمين: ما دَفَعَ عنه من المِحَن، وما نَفَعَ به من المِنَن؛ فَذِكْرُه لما دَفَعَ عنه يوجِبُ دوامَ العصمة، وذكره لم نَفَعَه به يوجب تمام النعمة.
{هَلْ مِنَ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ...}؟ وفائدة هذا التعريف أنه إذا عَرَفَ أنه لا رازق غيره لم يُعلِّقْ قلبَه بأحدٍ في طلب شيءٍ، ولم يتذلل في ارتفاقٍ لمخلوقٍ، وكما لا يرى رِزْقَه من مخلوقٍ لا يراه من نفسه أيضاً؛ فيتخلَّصُ من ظلمات تدبيره واحتياله، ومن تَوَهُّم شيءٍ من أمثاله وأشكاله، ويستريح لشهود تقديره، ولا محالة يُخْلِصُ في توكله وتفويضه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8